الأربعاء، 16 يناير 2019

ضاحية مصر الجديدة

سبتمبر 1909
إعلان:

( واحة مصر الجديدة – هليوبوليس )
للإيجار بجانب الجامع الجديد والتراموى الذى سنيشأ قريبا.

بيوت على الطراز التركى  ، مؤلفة من ثلاث غرف أو أربع غرف وفسحة وفرن ، الأجرة من60 إلى 140 قرشا.








البداية     

  فى  20 / 5 / 1905 منحت الحكومة المصرية امتيازين للبارون إمبان ، وعنوانه شارع الكونفرة رقم 30 – بروكسل ، ولنائبه  فى مصر السيد بوغوص باشا نوبار.

     الامتياز الأول بشأن تعمير 2500 هكتار  ( حوالى 5952 فدانا ) ، قابلة للزيادة بمساحة 5000 هكتار بسعر جنيه واحد للفدان ،  وذلك لإنشاء حى جديد فى القرى الصحية بواحات عين شمس،  أو هليوبوليس (  تغير الاسم بعد ذلك إلى مصر الجديدة لصعوبة الاسم الأول ) ،   على ألا تتعدى مساحة التعمير 1/6 إجمالى المسطح .
    أما الامتياز الثانى فبخصوص إنشاء وتشغيل خطوط مترو وترام كهربائية ، تربط هذه المنطقة بالقاهرة ، وتسمح لساكنيها بالتردد على العاصمة في سرعة وراحة أمان .

      يلزم العقد المشتريينِ أن يقوما على نفقتهما الخاصة بإنارة الشوارع التى يمر فيها الترام المرخص لهما به بالكهرباء ، ابتداء من ش القبة  لغاية الواحات ، وذلك بلمبات قوس قوة  1000   شمعة،  وتوضع هذه اللمبات بواقع واحدة لكل مائتي متر .
    و يشير العقد أيضا إلى عدم جواز ارتفاع العقارات المعدة للسكن أكثر من خمسة أدوار ، يدخل فيها الدور المسروق ، ودور السطح إذا وجد .

ويُختَم العقد  بتوقيع كل من حسن فخرى – وزير الأشغال العمومية ( جهة اليمين ) ، و بوغوص نوبار  بشخصه ، وإدوار إمبان بتوكيل مُرفَق  ( جهة اليسار ) .



حلبة السباق – الميرلاند 
   

      حديقة الميرلاند لم تكن موجودة  في الزمن الأول للحي ، مكانها وأكثر  كان مشغولا  بحلبة السباق ، زرعت الحلبة في الحي مبكرا على سبيل الإغراء والتحفيز ،  يفد إليها في مواعيد معلومة  علية القوم ، وعلى رأسهم  خديو مصر أو سلطانها أو ملكها  ( أنشئت فى عصر الخديو عباس حلمى الثاني  الذى شهدت أيامه بزوغ الضاحية " خُلع 1914 " ) وأفراد الأسرة العلوية ، ورجالات الحكم فى السياسة والمال والاقتصاد . طبقا لمسيو عبيد، هناك  أسماء كانت  تتردد بانتظام ،  مثل فرغلى باشا وفريد الأطرش وسامية جمال ، وغيرهم من نجوم المجتمع ،   إضافة – بالطبع – إلى جيش من المضروبين بهذا النوع من المراهنات والحالمين  زمنا بـ " اللعبة الصحيحة " ،  مسيو عبيد : أرمنى ولد فى بورسعيد ، التقيته في المكان الجديد أو الأخير  للحلبة – بجوار نادي الشمس ، عبيد جاوز الثمانين بسنوات، يمشي على عصا ، حين حاولت أن أحادثه تذمر ؛ متعللا بانشغاله ، لكنه أمام سؤال أول وأخير غرضه إنهاء النقاش الذي لم يبدأ أصلا ؛  احتراما لتعلله  ، لانَ وهشّ وبشّ ، رفع عصاه إلى أعلى ويمينا ويسارا ، لينظم مرور الذكريات التي خرجت فجأة  من مكمنها ، وليتخفف من الثمانين حولا !  حكي عن مصر الجديدة التي لم تعد موجودة ، عن هوائها وسكونها ، و طويلا عن الروماتيزم الذي يلازمه ، ثم ابتسم  وأخرج كيسا مملوءا بالأدوية  من الحقيبة الصغيرة التي تعلو كتفه " خلاص .. خلاص ما عدش فيه صحة.. ههههه  ! " ،  قالها بإحساس من فوجئ بعيد ميلاده الأربعين ، لا  الثمانين ! 
يتبقى من هذه الحلبة الآن  المبنى الأساسى ، الذى يضم بعض المدرجات ومقصورة الملك ( وهو ما يعرف بمدينة غرناطة ).
  قبل انتظام المترو كانت تخصص رحلات على خط قطار الزيتون ( الأقدم ) لخدمة حركة الإنشاء فى الحى ، وأيضا  لتنقل رواد السباق من وسط البلد ..  جاء فى إعلانات الأهرام :
             "    سكة حديد الحكومة المصرية
            ســــباق الخيل بواحة عين شــمــــــس
إنه نظرا لعمل سباق بواحة عين شمس ، فقد تقرر قيام قطار مخصوص مركب من درجات عربة أولى يومى  20 و 22 يناير – ويقوم القطار من كوبرى الليمون 40 و8 دقيقة ويصل 50و 8 إلى سراى القبة ."

وبعد ظهور المترو مُدتْ وصلة فرعية  له؛ ليدخل إلى قلب المكان أيام السباق فقط .






لونا بارك - سينما روكسي 

 

   كدعاية للحى الجديد -  يروى صاحب ترام القاهرة عن جريدة المقطم 17/6/1911 – أقامت الشركة مدينة للملاهى أُطلِقَ عليها اسم لونا بارك ، أى وادى القمر ( مكان سينما روكسى ) ، وجاء فى وصف الافتتاح :
فتح هذا الوادى أمس ، وتقاطرت إليه جماهير المدعوين من أهل العاصمة ألوفا ، وظلت وسائط النقل على اختلاف أنواعها تنقلهم من العِشاء إلى قرب نصف الليل ، وكان مدخل هذا الوادى ، وجوانبه مكللة بالأنوار الكهربائية ،  وانتشر المدعوون ينتقلون من فرحة إلى فرحة ، ومن لعبة إلى لعبة ، فكان قوم يمشون فى كهوف ، وهم يهتزون اهتزازا شديدا بقوة خفية ، قيل إنها الكهربائية .. وقوم يمشون على شبه نول الحائك ، يتحرك بهم تارة إلى الأمام ، وتارة إلى الخلف،  كأنهم يرقصون ، وما هم براقصين.. وقوم يمشون أمام مرايا مستوية ومقعرة ومحدبة على أشكال مختلفة ، فتريهم صورهم مشوهة تشويها مضحكا ، فتارة يكونون صغارا قصارا كالأقزام ، وتارة طوالا كالجبابرة .
  وإمعانا فى الترغيب طبقت شركة مصر الجديدة نظاما خاصا ليوم الأحد من كل أسبوع ؛ فسمحت بصرف تذكرة شاملة بسعر قدره قرشان صاغ ، تعطى حق الانتقال على خطوطها ذهابا وإيابا ،  وتشمل دخول الملاهي



الكنيسة و الجامع


   فى عام 1910 أنشأ البارون كنيسة البازليك لطائفة اللاتين الكاثوليك ، صممها المهندس البلجيكى الكسندر مارسيا ، وعبر خط غير مستقيم تماما ،  يمتد من الكنيسة عبر شارع البارون ، شيد قصره الذى صمم على نحو بديع ونسجت حوله الأساطير،   وفى نفس العام ُشيدت بشارع بغداد فى الكربة كنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك.


    وفى 2/9 / 1911 احتفلت الشركة بافتتاح أول مسجد بمصر الجديدة ، وهو الجامع المسمى باسمه الميدان  – الجامع بأل العهد( فلا جامع غيره حتى قيام مسجد حفيظة الألفية ومسجد السلطان حسين ) ، وشهد الافتتاح عدد من الشخصيات العامة ، على رأسهم الأمير حسين كامل نائبا عن الخديو عباس حلمي .

والجامع – طبقا  لجريدة  المقطم – بناء فخم ، قائم على أربعة عشر عمودا من المرمر ، طلق الهواء ، جميل البنيان ، كامل النظام ، مضاء كله بالمصابيح الكهربائية .

 يُذكَر أن البارون رأى - من البداية - مصر الجديدة مدينة هادئة؛  فقرر - بادئا بنفسه – خلو الكنيسة الأولى التى أنشأها من الأجراس ، وكانت الشركة فى العهد الأول للمدينة تشترط للتصديق على رسومات الكنائس ألا تقام فيها أبراج للأجراس .

شوارع لا تكشف عن نفسها  


   يُلاحظ فى أغلب شوارع مصر الجديدة عدم استقامتها على مسافات طويلة ؛ ربما لتخفي عمرانا كان حاضرا بالقوة لا بالفعل ، فكأن المُصمِّم راعَى السكان الأوائل ؛ فقدم لهم شوارع لا تكشف عن نفسها دفعة واحدة ، لأن  بها وحشة طارئة ، إذ  بعض العمارات فضلا عن  ساكنيها مازالوا على وصول !

  لنقفْ في أول دمشق كَثَل من أمثلة :
  
      إذا ألقيت نظرة - من أول شارع  دمشق من ناحية إبراهيم اللقانى -  فلن تدرك العين أبعد من تقاطع شارع رمسيس يمينا  ، وموقف الاتوبيس شمالا ، بعدها  ستلمح  انعطاف دمشق  جهة اليمين مُخفِيًا بقيته  ، إذا  قررت مواصلة  المسير مدفوعا بهذا الغموض ، فبعد أن تصل إلى هذه الانعطافة فى الشارع وتعبرها  يعود الشارع مرة أخرى إلى الاستقامة ، تحديدا عند تقاطعه مع شارع إبراهيم باشا  ، قرب سينما كشمير ( هليوبوليس ) ،  سيبدو دمشق مستقيما تماما ،  لدرجة أن مئذنة جامع الميدان ،  وجانبا من المسجد سيظهران على مرمى البصر البعيد

يجب أن نضيف هنا : برغم الفراغات المهولة والونس المؤجل ، فمن البداية كانت ثمة علامات بارزة موزعة على مساحة ليست هينة ؛ لت وتبشر بالجمع الآتي ، أبرزها : كنيسة البازليك ، وجامع الميدان ، ولونابارك ، وحلبة السباق .


   

الترام الأبيض 

     يبدأ  الترام الأبيض رحلته من العباسية تاركا الميدان خلفه ،  ثكنات الجيش الإنجليزي جهة اليمين ( كلية التجارة الآن ) ، و قصر الزعفران جهة اليسار ( جامعة عين شمس ) ، عابرًا البائن من حي  كوبري القبة ،  فمنشية البكري ؛  حتى يصل إلى تقاطع الخليفة المأمون مع شارع نادى سبورتنج ( الميرغنى ) ، فيتسلمه شارع عباس ( إبراهيم اللقانى ) ، عندما يصل الترام إلى مكان النافورة الحالى ( لم تكن موجودة ) ، سيكون - عن شمالك  -  شارع غرناطة الذي يُسلِم إلى  حلبة السباق ، قبل ذلك بقليل سترى ملاهى لونا بارك ، أنت الآن سائر على طريق تزين جانبيه عدد من عمارات الشركة البلجيكية ، عمارات أنيقة تمزج بين الطابع الحديث وفخامة المعمار الإسلامى ،  تعلو بعضها مآذن ، المآذن تعلوها أهلِّة ،  ولكل شقة شرفة مصممة بوفرة عرضا وطولا ،  يستمر الترام فى سيره قاطعا شارع عباس ،  حتى تقاطعه مع الأهرام ، هنا سيظهر فندق هليوبوليس  ( قصر الاتحادية ) ، إذا نظرت جهة اليمين سيكون نادى سبورتنج ( هليوبوليس )  ظاهرا عن بعد قريب  ،  يستمر الترام محاذيا للفندق ، ثم ينحرف يسارا ؛  ليدخل الكربة عبر شارع اسماعيل ( بغداد ) ، في هذا المقطع من بغداد يضع  الترام الحد الفاصل بين شارعي الثورة و إبراهيم باشا  يوميا ، وعلى مدار الساعة  ،  ينعطف يمينا استجابة لتصميم الشارع تاركا كنيسة الكربة " القديس كيرلس للروم الكاثوليك  "  ،  إلى أن  يبلغ  تقاطع شارع البارون  - يمكنك هنا أن تلقى نظرة عابرة جهة اليسار على كنيسة البارون  " البازليك "  ،  يمضى الترام منعطفا مرة أخرى ،  لكن  هذه المرة ناحية اليسار؛  ليمر بشارع سعيد ( بيروت ) ثم محاذيا  الكنيسة المارونية ، إذا كان اليوُم يومَ أحد( بعد سنة 1945 )  قد تسمع صوت"  لور داكاش " ،  يرسل تراتيله فى سماء الكنيسة ، يواصل  الترام مسيرته عابرا تقاطع طنطا (عثمان بن عفان ) ، ثم ينحرف انحرافته الأخيرة  جهة اليمين ،  ويكون ساعتها قد دخل شارع سان ستفانو ( هارون الرشيد ) ، أخيرا يصل إلى محطة الوصول (  ميدان الجامع ) ، فينزل السائق و الكمسارى  ؛  ليلقيا السلام على عم إبراهيم عبد الله .

*********

المترو الأول


    كان المترو الأول رفيق الضاحية ومشروعها المستقبلى ، يطلق عليه بعض قدامى الحى ، ربما من باب التقريب  ، المترو الأحمر!  وكان ذا لون بنى داكن ، هذا المترو قدر له أولا  ألا يخترق الضاحية،  بل يحمل مواطنيها  من تخومها عبر مسار محدد إلى  وسط البلد فى زمن  قياسى " قدر بنحو 12 دقيقة " ، لكن ما حدث أْنْ تم التوسع فى مد خطوط المترو كلما ازداد العمران ، وأحيانا يمتد شريط المترو كمحفز  فتستجيب  حركة الإنشاء ،  تم ذلك على نحو تدريجى ، فكان  المترو يبدأ مسيرته من كوبرى الليمون ( رمسيس ) حتى روكسى ، ثم انتقلت محطته النهائية   بعد ذلك بجوار جامع حفيظة الألفية على بعد خطوات من كنيسة البارون ، ويسّر له هذا المكان أن يكون قريبا من الكُرْبة من جهة ، ومن ميدان الجامع من جهة أخرى ،  ثم امتد المترو ليصل إلى ميدان الإسماعيلية ، وامتدت أيضا فى نفس العام محطة البداية ؛ لتصل إلى عماد الدين بدلا من كوبرى الليمون ، وأخذ ت محطة الوصول تتوغل تاركة ميدان الإسماعيلية إلى ميدان سفير ، ثم  إلى سانت فاتيما،   فميدان الحجاز ... وفى مرحلة أخرى  تعددت خطوط المترو ، فأصبح  لقاطني هليوبوليس اختيارات أدق ، صار المترو يُميَّز باسم يافطته :  " عبد العزيز فهمي "    " الميرغني " ،  النزهة " ، كان بوسع أبناء مصر الجديدة – في تطور لاحق ، عام 1963 تحديدا  – أن يصلوا بأيِّها إلى كورنيش التحرير ،  بعد عبور محطتي رمسيس ثم الإسعاف ينظرون إلى ساعاتهم،  ما إن يروا مصنع الثلج عن اليمين حتى يتيقنوا أنهم صاروا على مقربة من محطة النهاية ، وبالتالي  يمكنهم فك الأحزمة!





الحي الأول والحي الاقتصادي 
            

     شــارع الأهرام يبدأ من نقطة أمام نادى هليوبوليس، يتعامد فيها على شــارع نادى سبورتنج(الســيد الميرغنى)، ويمتد ليتقاطع مع شوارع عباس(إبراهيم اللقانى)،  فشارع رمسيس، ثم شارع إبراهيم باشا، حتى  يصل إلى كنيسة البارون" البازليك "؛ ليتقاطع مع شارع البارون( نزيه خليفة). كنيسة البارون تقف كجزيرة تمهد لانتهاء شارع الأهرام، وتهبه امتدادين جديدين: يمين الكنيسة شارع طنطا(عثمان بن عفان) الذى يصل بك إلى ميدان الإسماعيلية، ويسارها سان ستفانو(هارون الرشيد) الذى يقودك إلى ميدان الجامع، لن تبلغ الرافدين إلا إذا عبرت التقاطع الأخير، الذي هو سعيد(  بيروت).

      أما شارع رمسيس فيبدأ من نقطة أمام موقف أتوبيس روكسى (صار مؤخرا جراجا متعدد الطوابق)، يتعامد فيها مع شارع توفيق( دمشق)، ويستمر مخلفا تقاطعات الأهرام، فبغداد(إسماعيل)، وبعض التقاطعات الثانوية، حتى يصل إلى صلاح سالم،  فيصير على مسافة خطوات من قصر البارون.. وهذا ما  يشكل الحي الأول . 


    أما   الحى الثانى فيتضمن داخله ما سمي بعزبة المسلمين ، وهى تسمية أطلقها الأجانب ، وهى تعنى ضمن ما تعنى المصريين أو غير الأجانب ، فالأجانب من أوائل الذين وفدوا إلى الحى الأول،  وكانوا يترددون على العزبة باعتبارها موطن الحرفيين والعمال ، كما كان بعضهم مجاورا وأحيانا ملاصقا  للعزبة ، وخصوصا مهندسى وموظفى الشركة البلجيكية ، ومازال قدامى الحى يتذكرون بالاسم جيرانهم الأوائل ، والنواة الأول للحى الاقتصادي هم عمال الشركة ،  ممن عملوا فى  تشييد العمارات،  وتعبيد الشوارع ومد خطوط المترو، والعاملين فى اللوكاندة ( فندق هليوبوليس )  . ومع الإقبال المتزايد للطبقة المتوسطة  على مصر الجديدة تم توسيع الحى الجنوبى  على حساب الحى الاقتصادي ،  وتلاشى شيئا فشيئا الفاصل بين الحيين ، حتى صارا حيا واحدا ..


    تلاشى شيئا فشيئا الفاصل بين الحيين ، وهذا ما جعل عبارة مثل  " أنا من ميدان الجامع "  عبارة ملتبسة ، فهل أنت من سكان شارع صلاح الدين (إسماعيل رمزى ) الذى يضم عددا من العمارات الراقية  والفيلات، كـ بيت  محمد الرملى المنقوش  أعلى بوابته " منزل محمد الرملى ادخلوها بسلام آمنين .. تأسس فى سنة 1334 هـ "  ،  أم من سكان شارع الإسكندرية الذى تتجاور فيها بنايات تضم أصولا اجتماعية متفاوتة ،  أم من العزبة،  وثمة تسمية أخرى للعزبة وهى " البلك " ( بضم الباء واللام )  إشارة الى البلوكات الشعبية التى تطل مباشرة على شارع هارون الرشيد ،  وتخفى امتدادا وراءها ينهيه شارع أسوان الموازى لهارون ، مايعرف بالبلك يضرب مثلا لازدحام لم تكن  مصر الجديدة فى حاجة إليه فى هذا الزمان ،  لكنها فكرة الحى الاقتصادي.
أهم مايميز البلك أنه بناء صُمِّم ؛  ليمتد أفقيا بإفراط ، فبلكوناته شديدة الطول تمتد ؛  لتغطى المسكن بالكامل ، بل تستدير لتكمل مسيرتها فى الشارع الجانبى ، وأبواب الشقق تتلاصق ،  وكأن الحائط خلفها كان فى الأصل  مسدودا ،  ثم تم تقسيمه عبر فتحات تناسب العدد المطلوب ، هى  تفتح مباشرة على شرفة واحدة ، الشرفة الواحدة  للجميع دون فصل ،  ومناشر الغسيل تمتد دون تمييز .
  شعب  البلك  يؤنسه حى آخر لا ينتمى إلى أملاك الشركة،  وهو عزبة المدبح ، إذا قطعتَ شارع إسماعيل رمزي ، ثم امتداده " السباق"  حتى نهايته  فلن يفصلك عن عزبة المدبح - ساعتها - سوى جسر السويس.

  إذا عدنا إلى البلك ،   فهى محمولة  فوق صف طويل من المحلات ،  منها قهوة البسفور التى كانت فى العهد الأول للحى ، كما قال عم على أمين ،  قهوة وبار ،  ثم  استدرك "  خمارة " يعنى  ، وأضاف  وكمان قهوة الأندلس كانت نفس النظام .  عم على أمين هو آخر  المعلمين القدامى لأول قهوة بلدى فى الحى ، أقصد قهوة إبراهيم عبد الله .


  جنازة البارون 

يروى إدمون شاكر وقائع موكب التشييع 17 فبراير 1930 :
" بعد إجراءات تحنيط الجثة،  عقب وفاته فى بلجيكا فى شهريوليو 1929،  نقل النعش إلى القاهرة ،  ومنها إلى قصره ، حيث استقر بضعة أيام ... وفى اليوم المشهود تحرك الموكب من القصر قاصدا كنيسة البازليك  حيث مدفنه ،  قاطعا شارع البارون ( نزيه خليفة ) ،  كان فى مقدمة الموكب حراس عمارات الشركة من السودانيين والنوبيين ، وهم يرتدون الجلابيب والعمم البيضاء التى صرفتها لهم الشركة ، ثم الصليب وحوله الآباء الكهنة ، ومن بعدهم العربة الفخيمة التى كانت تحمل النعش تجرها الجياد ، وعلى رءوسها ريش أسود ، وهى عربة صنعت خصيصا لهذه المناسبة .. "


مراجع : 


1 – اخبار مصر الجديدة ( دورية ) العددان الأول والثانى يولية ، أغسطس 1958 .
2 – الأهرام أعداد :  4 يناير ، 20يناير  ، 16 فبراير 1910 ،  3 يونيو 1911 ،  10 يوليو 2003
3 –  " أون " هليوبوليس أو مدينة الشمس- مصر الجديدة فى العصر الحديث . إدمون شاكر- كنيسة قلب يسوع  - مصر الجديدة ط1 2001 .
4 – ترام القاهرة  . محمد سيد كيلانى دار فرجانى  ط1 1968 .
5 – ضاحية  مصر الجديدة ماضيها ومستقبلها . تصميم وطبع هيئة المساحة 1969
6 – أقوال بعض قدامى الحى .

* سبق للكاتب نشرهذا المقال في مجلة أمكنة المصرية - 2005



right side

دوا نُقَط

  دَوا نُقَط - 1-   ما اسم   ذلك الدواء ؟    علبة صغيرة، داخلها زجاجة أصغر، الزجاجة بها قطَّارة، القطارة تنزل منها النقاط بمقدار. الدو...