الاثنين، 23 ديسمبر 2019

سعيد تيتو








أمهر من يصنعون  الطائرات الورقية، في حينا .

    منذ التحاقه بمدرسة غمرة الصناعية قسم النجارة، وعينه على إيطايا تحديدا، في انتظار إيطاليا عمل بعض الأعمال الخفيفة التي تتصل بهوايته، كقص الشعر وكيِّه  بين الأصحاب، نظير أن يقضي الوقت يشرب الشاي والسجائر، أو بمقابل مادي قليل، لكن بالتراضي، المقابل نتيجة لإجادته الهواية لا الحرفة.

     فضلا عن مهارة سعيد الشهير بتيتو في إطلاق  الطيارات الورقية والتحكم فيها عن بعد، من فوق غرفة صغيرة ، فوق سطوح بيتهم، فقد كان يبيع منتجاته، بدأ الموضوع بأن يحضر أحدهم ورق الجلاد ويطلب مساعدة ومشورة سعيد في صناعة الطائرة، ثم صار لسعيد راس مال يشترى به أفرخ الجلاد، ويصنع الطائرة، يبيعها جاهزة للتحليق، الربح الذي يتحصل عليه منك أو من غيرك يعزمك به في الغالب، أو يقول " خلِّي  "، خَلِّي حقيقية، مع تيتو يمكن أن "تخلي" فعلا، دون أن تهتز له أولك شعرة .

    رغم كونه الوحيد في شلتنا الذي كان له مال يخصه بعيدا عن مصروف الآباء . لم يكن له نفسية الكسِّيب ، كأن كل ما يريده يحدث عندما يمسك بالفلوس – نتيجة عمله – بيده ، فورا يتعامل معك كزميل أو صاحب، إن احتجت للمال فلا ضرر ولا ضرار.
    تيتو  شيك جدا، له طراز يخصه في اللبس، وإن كان كله  من الوكالة، رغم قصر قامته الواضح جدا، إلا أن قامته كانت ممثلة بالكامل، لا هادر فيها.
    لا يلعب معنا الكرة بتاتا، لكنه يرافقنا في كل مبارياتنا سواء على أرضنا أو على أرض الخصم ،غير مبال باللعبة، لكننا في الأول والآخر أصحابه.لا يشارك في اللعبة، لكنه لا يكرهها، فقط لا تغريه .
    عندما  سكن بجانبا احمد الصعيدي الطالب بجامعة الأزهر، صاحب الطول البائن والنظارة الشمسية الرخيصة، والمشية التي بها بعض التناكة المميزة، غير المقصودة ، كان تعليق تيتو كلما رآه " نفسي أحمد يسيب لي نفسه ، ده  ييجي منه ، ييجي منه كتير "، يقصد أنه يحتاج – لو تحدثنا بلغة تلي الواقعة بسنوات وسنوات – فقط إلى استايلست!
   سيتخرج أحمد الصعيدي، ويتزوج في بيت أبيه، سيكمل حياته دونما استيالست، سيكمل حياته بهيئة تشي بالشياكة دائما وأبدا، دون أن تلامسها.
  ذات يوم سيختفي سعيد، سيهاجر إلى إيطاليا هجرة غير شرعية ناجحة، سيراسلنا، كما كان يراسل طائراته الورقية، ثم تنقطع الرسائل.
  عرفت أنه عاد بعد أكثر من عشرين سنة، التقيته، كان كما كان: لطيفا للغاية، مقابْلِتُه حلوة كما هي، يستجلب الكلام الودود المرحب بيسر، ينقضي الوقت معه  سهلا مهما طال، أظن وصل رغم تقدم السن إلى ما كان يحلم به تماما. تيتو في المشهد الأخير: ذقن وشنب متصلان ، بنطلون جينز أصلي، وتي شيرت بسيط، لكن ماركة، وعلبة مارلبورو أحمر في جيبه، وأخرى مقفولة أمامه.

 


  

right side

دوا نُقَط

  دَوا نُقَط - 1-   ما اسم   ذلك الدواء ؟    علبة صغيرة، داخلها زجاجة أصغر، الزجاجة بها قطَّارة، القطارة تنزل منها النقاط بمقدار. الدو...